مررتُ قبل أمس بتجربة صعبة ..
وقفت فيها صلبة وساعدت من كانوا معي لاجتيازها ..
بالفعل كنتُ صلبة لا ادري من اين تأتيني تلك القوة في الأزمات ،
وهذا امر جيد لكن الغير جيد هو أني بعدها اتداعى وتبدأ معي اعراض الصدمة والألم ..
أكتئب واصبح عصبية حزينة ، ألجأ لقرآءة الروايات بنهم ومشاهدة الافلام السينمائية والى العزلة والصمت وهي المرحلة التي أنا فيها الآن ، ثم انتهي الى الدخول في حالة روحانية أصل اليها مرهقة تعبة ، أضع كل حملي على سجادة واذرف الدمع وافرغ مافي صدري ..
اقوم بعدها مستعدة للمواجهه وللحب وللحياة من جديد ..
والى أن أصل الى المرحلة الأخيرة ، سأقرأ واشاهد ماتسقط عليه عيني من افلام وآكل ما يسعني من الشوكولاته وأكتب لكم هذا الصخب الذي أمر به لاجبركم أن تشاركوني التعاسة ،،
عمتم صباحاً ^ ^
:
"
في تجربة الهزة الارضية الخفيفة التي عايشتها العام الماضي في ديرتي بالجنوب والتي كانت من ارتداد اتساع احدى الصدوع في البحر الاحمر على ساحل القنفذة ,
تعلمت الكثير من الدروس في تلك الثواني العشرة فالتجربة ليست بطولها وانما بقوة تأثيرها ..
الدرس الاول والذي نعرفه جميعاً لكنه في اذهاننا ليس في حياتنا العملية ,
ان الكارثة يمكن ان تحدث في ثواني وان حياة الانسان قد تنقلب في لحظة وتلك هي سنة كونية لا مفر منها ..
والدرس الآخر أنهم حين علمونا في مادة العلوم بأن الطيور والحيوانات تستشعر الهزة قبل وقوعها
فاتهم ان يخبرونا ان الطبيعة تتغير بفعل البشر بما فيها الحس الاستشعاري المسبق للكارثة الطبيعية لدى الحيوانات
لأني بعد الهزة لم ادرك مالذي حصل وما اذا كانت هزة ارضية ام مجرد وهم , رحت ابحث عن الطيور في السماء
والحمام فوق السطح والقطط في الشوارع لأجدها آمنة تقضي وقتها بشكل عادي مما جعلني استنتج بفكري العلمي الخارق
انها ليست هزة ارضية فلو انها كذلك لجزعت تلك الطيور والقطط !
بيد ان استشعار تلك الحيوانات اصابه الخلل بفعل الاضطراب الذي يحدث للارض من بطنها الى غلافها الغازي
بفعل الاحتباس الحراري الذي غير من طبيعتها وطبيعة مخلوقاتها ..
وهكذا كلما تذكرت تلك التجربة اتخيل ماهو اسوأ منها وأسأل الله اللطف بنا وبأرضنا ..
"
"
"
لا أدري لما تميل روح القراءة في داخلي لكتاب رحلوا عن عالمنا الى عالم الحق ..
لعلّ مسيرة هؤلاء تحوي اسراراً خاصة هي من جعلت لغيابهم فراغ لا يملؤه أحد بعدهم ..
فأجدني أقلب صفحاتهم كمن يبحث عن شئ تاه منه في زمن آخر
واستجدي من ارواحهم اجابات تركوها لنا ..
فعندما يرحل الكاتب الصادق يترك لنا سحاباً لا يكف عن المطر ..
"
"
"
هاهو فنجان قهوتي جالسٌ فوق طاولة مترنحة للوقوف ..
تتصاعد الابخرة من فمه كتنين يائس ..
يحاول استراق السمع الى حديثي مع صديقة قديمة ..
يوشك اصبعي ان يسد اذنه الفضولية ..
ابادره بقبلةٍ مني وافرغ جنونه في جوفي الفارغ منه ..
أبداً يسد رمقنا ذلك الكفايين الجائع ..
ويحملنا الى الكف عن الكلام ..
وحدهن الصديقات القديمات يملأن فناجين الثرثرة ..
"
"
"
,, لن تستطيع أن تخنق فكراً أو تمنعه حتى لو أحرقت كتاباً وقتلت صاحبه معه ,,
هذا ماخطر في بالي هذا الصباح وبينما ارتشف فنجان قهوتي وأقرأ في كتاب ابن رشد "تهافت التهافت"
ذلك الفيلسوف العبقري وهذا الكنز من الفكر الواسع العظيم ..
حين امر الخليفة بابعاد ابن رشد وحرق كتبه بناءً على فتوى الفقهاء بردته وكفره احرق له مايقارب مئة كتاب من مختلف العلوم والمعارف
مابين الفلسفة والفلك والرياضيات والطب والأخلاق والنفس ، والمفارقة العجيبة أن تحرق كتبه وينفى من بلده بينما في الطرف الآخر من البحر المتوسط ينتشر فكره ويعد ركيزة في بناء دول اوربا ونهضتها ..
كما أن الفقهاء في ذلك العصر كانوا يطلقون على كتب الفلك والكيميا والجبر بكتب السحر والشعوذة وكانوا يحذرون الناس من دراستها بأن مصير من يفعل ذلك النار لأنه آتى جرماً اشد من الربا ..
لقد اقتلع فكر هذا الرجل من ارضه ووطنه لكنه وجد له آذاناً وعقولاً تحترم الفكر والعلم والمنطق في غير وطنه وكان له دور في نهضتها وتحررها من عصور الظلام ..
"
"
"
الأم وعاء يحتوي القلوب الصغيرة والكبيرة ..
لقد أصبحت أماً في سن مبكرة جداً وها انا منذ ذلك الحين وأنا أتعاطى مع الكائنات بأمومة محترفة ..
وخرجت من كنف أمي في سن صغيرة لذا أجدني أحياناً اجهل كيف اكون ابنه ..
يغريني التمرد الناشب بأظافره في ذاتي أن أتجرد من الأمومة وأعيش الابنة ولو ليوم واحد
فقلتُ اليوم سأزور وحدي أمي التي لم ارها منذ مدة وسأحبس أطفالي في المنزل
قلت لهم ذلك فنظروا اليّ بحزن : واحنا يا ماما !!
واااا قلباااه ...
نسيت أنه حين تلتحق احداهن بوكب الامهات فإنها لن تنال اجازة ولا يمكن التنازل عن دورها
_ هلموا يا ابنائي البسوا ملابسكم جدتكم تستناكم ^_^
"
"
"
لم أكن أنوي أن أجعل من تلك اللحظات اجترار لما مضى ، جلستُ واضعة فنجان القهوة امامي أمسك بالكتاب الذي اخترت قرآءته
لم استيقظ الا على قشعريرة بالبرد احسست بها ..
مددت يدي الى فنجان قهوتي فإذ به قد برد تضايقت كثيراً فمن المعروف أن القهوة حين تبرد يجف دمها وتصبح خرساء لا هذيان توقظه في داخلك ..
عدتُ استرجع ماقرأت فوجدت أني لم اقرأ شيئاً كل الذي حدث اني شردت بفكري الى الوراء حيث الذكريات المؤرشفة في ملف ذكريات الوجع ، قلبتُ فيها بلا وعي واسترجعت الاحساس والقلق وعشت الحالة كانها حدثت للتو ..
ها انا أرزح تحت شعور الضجر وفنجان قهوة بارد !
"
"